حوار مع الأديبة العا ئدة من ليبيا...ماجدة سيدهم


** لاأقرأ الا لمن يحترم عقلي ويثير في ذهني

** الخطاب الديني اثبت فشله وعدم صلاحيته

** لابديل عن التقارب الانساني متجاوزا كل حدود الهوية والجنس والعقيدة

أنا لم انفصل وجدانيا عن مصراطلاقا – فأنا اعشق هذا الوطن بجنون ، هذا ليس سردا نمطيا أو استهلالة استعراضية تخفى فى باطنها الكثير من الدعاية والتملق - مصر وطن يعجبنى وتروق لى كثيرا تلك الحياة الضاجة فى صخبها بكل تفاصيلها ، وما تحمله من تناقضات وتباينات متناثرة ومتعددة ورغم ما نعانيه من مآسى ومشكلات متصاعدة وما آلت اليه اوضاعنا الداخلية الى حالة من الفوضى المتقنة ..في هذا ايضا تروق لي ، وسط هذا الزخم من السلبيات التى تعانقنا كل صباح وباتت هواءً نتنفسه نجده مازال في الأعماق حيا كل الجمال وخصوبة الروح المرحة وملامح الطيبة وقسمات الرضا - كثيرا ما كان يستهويني الوقوف وسط الزحام ارقب متأملة ملامح المارة فى كل اتجاه- وحركة اجسادهن المثقلة بعبئ التهالك اليومي والأحلام المؤجلة والامنيات المرتقبة -كل يذهب الى اتجاهه المغاير – كل يحمل فى رأسه ما يختلف ويتناقض تماما عن الآخرين - لكن لا أجد فى الأخير غير ملخص الطيبة والمسالمة تغزو الحنايا فى كل اتجاه – لذا قد تندهشين وتضحكين من أن عودتى من جديد كانت بدافع حنين ضج فى داخلي يعترض كل نوبات العزلة والتأجيل - اشتم رائحة الانتماء تفور من وريدى- هو الحنين الى الشارع – طرق الباب على الجارت - تراكم الخبز المجعد على الأرصفة بينما تعتلى الأحذية أرفف الزجاج اللامع - طاولات عرض السجائر ودبابيس الشعر ، ملصقات المسلسلات المدبلجة نداء الباعة فى الاسواق ، اختناق السيارات امام العين الحمراء لإشارات المرور ، التكالب على الأكلات الشعبية وقت الظهيرة – الحنين الى الصباحات المدهشة والتى كانت احدى سماتنا قبلا ، صباح الورد .. صباح الفل ونهارك سعيد ، حميمية المجاملات واللقاءات فأجدني مأخوذة بكل تلك الصور التى تميز مجتمعنا المصري عن غيره – ربما اشعر بالضجر لاحقا بعد الأعتياد وكما يراهننى الكثير من الأصدقاء فضلا عن سخريتهم وتهكمهم جراء ولهى هذا مولعة بها.



الوسط الأدبي هل تغير عن ما كان قبلا .. ؟


الوسط الأدبى ليس بمعزل عن متغيرات المجتمع كله - وما نراه ونعيشه من تراجع وتردي ملحوظ يجر خلفه تباعا كافة المفردات فى كل الأوساط المتعددة – لكن ربما الصراع والتنازع فى الأواسط الأدبية يبدو أكثر حدة وتداولا ووضوحا، وهي تعد تربة خصبة لتسلل ونمو النباتات المتسلقة بلا رقابة أو رادع - بل كثيرا ما تـُدعم تحت اي مظلة أو مسمى ، ايضا تعد مرتعا رحبا لتسلق العناكب الأنيقة والناعمة لتصعد فوق قيئها حينا وفوق عزوف البعض من لا يمتلكون أدوات المواجهة أو التكيف وسط اكوام من التلوث الأخلاقي المتصاعد – لذا نجد اقلاما تنزف ابداعاتها فى هدوء حيث لا متسع ولا وقت يهدر فى مهاترات ومشاحنات لا طائل منها غير تدمير الطاقات الإبداعية يقدمون فكرهم وحياتهم قربانا هو الذي يبقى

من من الأدباء الذين تقرئين لهم ؟

رغم ازدحام الساحة بأسماء تتناسل كل صباح لتدخل بداية نهارها فى معترك التنافس على انتزاع أكبر مقاسات التضخيم ليلحق بكل اسم لفظ الكبير والعظيم والنادر والأوحد - فكل من خط بقلم اصبح دهشا ومذهلا - لنجد انفسنا كلنا كبارا ليس فينا من يبتدئ او ينمو أو يجتهد لذا يكون السقوط أيضا عظيما – بينما أجد صعوبة فى اختيار نصوص جديدة لما رأيت و تعرضت له قبلا أفقدني المصداقية والثقة فيما يقع بين يدي فأتساءل هل هذا نص الكاتب بعينه أم مقتبس عن .. أم مختلس من .. وأن والامر لا يتعدى اكثر من قص لصق ولا دراية لا أحد به ... ..!! والساحة ياسيدتي كما تعلمين مليئة بالعديد من الأسماء المشعة التماعا وفى حقيقة الأمر تعالج كذبا وخواء فى جوهرها ليصبح المسطور كله محض ورق ،وهذا أيضا يحدث فى الحياة ، اتذكر مقطعا من قصيدة بنات الغابة للشاعر الليبيي سالم العوكلي : تتسع الحياة لكل شيئ .للآآثام ..وللأعمال التي نعتقد انها صالحة .. لاشيء يستحق الندم .. كل مانفعله يضاف الينا ..وكل ما نراه حولنا هويتنا ..!.! لكن تظل شفافية الصدق وعمق المعاناة هى معيارى فى انتقاء ما أنتقي .. صدقيني الجميع الآن يكتب ويثرثر ويتشدق لكن ليس لجميعهم فكرا أو رؤية أو أو حلما أو هما ورسالة تقود المجتمعات نحو الأفضل . لكن فى هذا تتعدد وتتنوع قراءاتى، فكل ما يفيد ويضيف لى أحب ان اتعلمة واعرفه ،ولا اقرأ الاّ لمن يحترم وجودى وعقلى .. لمن يشعرنى بأناقتي وكأنه يكتب لي وحدي ،القلم الصادق يعلن للقارئ فى كل سطر : ايها القارئ انا احترمك



ما الذى احزنك فى الوسط الأدبى ؟



لست بمكان أن اعبث بالماضى أو أثرثر فوق تلال العطن المزين بالرياء ،فكل يعرف نفسه ومكانه وقيمته وحقيقته ولا أرغب أن اعطي من لا ذي قيمة قدرا ومكانا - لكن ما يحزننى حقا - هو ما نسببه من شروخ وتضليل وترسيخ لأوهام فى اعماق اجيال تخط خطاها فى عالم الكلمة لتسقط في هوة عدم



اشتهرت بكتاباتك الجريئة والمتحررة ما أكثر المقالات تأيرا فيك ..

هل الساحة فى ليبيا تشابه الساحة فى مصر؟


الساحة الأدبية فى ليبيا مذهلة وجديدة ومثيرة للإنتباة رغم انها لم تلق الاهتمام الذي يليق - دعينى هنا اكون صريحة معك – عندما ذهبت الى ارض ليبيا فى التسعينات كنت مثل الكثيرين غيري محملة بأفكار واحكام مسبقة انه لاشيئ فى هذه الصحراء المجهولة يجود بشيء جيد خاصة من حيث الثقافة والفنون – هكذا كنت اراها بلد بلد مهمش ماذا يثمر اذا - – ورغم مالمسته على المستوى الإجتماعى من إغداق وطيبة ومساندة قوية-، الا انى آثرت العزلة مكتفية في التواصل مع العالم من خلال الفضائيات وبعض الكتب التى احضرتها معي – وظللت سنوات كثيرة اعانى من طقوس الغضب والعزوف عن هذا المجتمع - الى ان التقيت فى احدى الزيارات مع الشاعر الليبي عبد السلام العجيلي والذي فى لقائى الأول معه اهدم برجى العاجى بسفوح بساطته وعذوبة لغته - وفى محبة شديدة جدا اخجلتني حقا - قدمنى الى الوسط الأدبى فى مدينة درنة حيث اقطن من خلال بيت درنة الثقافي - ووجدتنى فيما بعد كمن سقطت على كنز غير معلن عنه ،وراحت تتفجر فيّ كل ينابيع العطش والى كل جديد مختلف ، تقدمت بحذر حينا وتهور احيانا اخرى وفى كل مرة كنت اشعر بأسفي وضآلتى وان هناك على الامتدادات الأخرى المنسية ثراء مدهش-هناك العديد من الكتاب والأدباء والشعراء من لهم ثقل كبير وقيمة صا دقة في ليبيا وداخل وخارج حدود الوطن العربي ، الصادق النيهوم سالم العوكلي ،عاشور الطوبجى ، ابراهيم الكوني ، عبد السلام العجيلي احمد يوسف عقيلة ، حواء القمودي ، سعاد يونس ، احمد الشلطامي ، احمد باللو ، ام العز الفارسي ، عمر الككلي احمد الفيتوري والكثير.. ورغم ان ما قرأته هو القليل لكنه يعلن بقوة فكرا جديدا ونضجا انسانيا صادقا وفلسفة خاصة ، لغة واعماقا وأبعادا تضم معاناة حقيقة وصدقا شديدا فى التعبير تستحق الوقوف عندها وأعادة القراء ة مرات ومرات ، تحتل جغرافية المكان من حكايا الصحراء والجبل ومساحات البحر المجاورالى تقلبات المناخ وتنوع اعشاب المواسم ايضا التراث التاريخي والفلكلوري والإجتماعي والسياسي والحلم المناهض في كل مجلس حميمي مكانا جيدا على السطور ومابينها - ماقرأته ياعزيزتي كان مثيرا لإستفزازى لأمزق جدار شرنقة الغضب واكتشف ذاتي من جديد واتواصل مع ثقافة ثرية بالفطرة ، حتى وان كانت بالنسبة لنا خارج دائرة الاعلام والضوء ،وجدتنى اتساءل اين مكان الثقافة الليبية من الساحة فى مصر..اين التواصل وتبادل الثقافات والاطلاع على كل مختلف هناك ، ولماذا لا نخترق الحاجز نقراء ،نناقش لغة ورؤى جديدة فى الجهة الاخري

من وجهة نظرك هل للدين تشكيل خطابى فى كتاباتك ؟

نصوصى لاتحمل أي خطاب دينى على الإطلاق ، رغم استعانتى أحينا بكلمات او معانى مقتبسة من الكتاب المقدس لخدمة النص - لكن ما اكتبه يحمل خطاب انساني معلن بوضوح – الخطاب الدينى اثبت فشله بجدارة وعدم صلاحيته منذ بدأ خاصة وقد اصبح الكثيرون من يتعامل معه لا يمتلك الثقافة والاستنارة والوعى الإنساني والأخلاقي بل انه لم يسفر الا عن شروخ وفجوات قميئة فشلت بدورها فى فك التضافر الفطري على امتداد مساحات النسيج الصلب – نحن فى حاجة الى خطاب اخلاقى.. انسانى ..فكرى متحرر يعود بنا على حيث البساطة والعلاقات الحميمية ،ا خطاب جميل يعمل على التئام مسافات التباعد الوهمي يخرج بنا من تلك الازمات والاشكاليات التى باتت مملة وبديهية واتسنفزت من الكثير من الوقت والاعصاب والعمل ومجادلات عقيمة دون طائ

ما رايك فيما يحدث من تصنيفات – ادب نسائى وادب رجالى ؟

الادب هو الادب – قد تفلح هذه التصنيفات احيانا على الصعيد الجغرافى والزمنى فيجوز القول هنااك الأدب الروسي- الانجليزى - الاميريكي ،الافريقي فلكل من هذه المساحات التمرامية الى اطراف اطلس لها خصوصية من حيث الطبيعة والمناخ التاريخ الحضارى والانسانى والعادات والمفاهيم وماشابه ، اما ان اصنف الأدب فى ذات المنطقة الواحدة وذات الوقت الزمنى يعد غير لائقا ومعيبا بل يحمل الكثير من التفضيل لصالح فئة دون غيرها وايضا ربما يحمل الكثير من التغطية على قصور الكتابات النسائية على اعتبار ان النساء فى منطقتنا العربية مازلن يكتبن داخل الخباء عدا بضعة استثناءا ت تكتب جاهدة تمزق وتحطم كل حواجز العتمة والاوصولية والممنوع



لماذا اصبحنا بلا هوية ثقافية ؟


مادمنا لم نجد الشبع الفكري والانساني والروحي فى الداخل سنهرع فارين نتخبط الى كافة الاتجاهات المتعددة والمتناقضة - ولا تتندهشى من ان قولت لك هذه ظاهرة طيبة فهى تؤكد ان لدينا متلقى جيد فرغم مانعانية من تمزق وفراغ إثر الظروف المحيطة بنا فى مجتمعاتنا الان ، غير ان ما يقدم للمتلقي على كافة وسائل الاعلام المقروؤة والمسموعة والمرئية لم يقدم ما يحترم الكيان الإنسانى ويثرى العقل والفكر ويسمو بالمشاعر والوجدان ويرتقى بالروح الى مرتفعات الجمال والحرية والابداع ، لم يجذر معاني الإنتماء والثقة فى الانسان والتاريخ والحضارة، الثقة في اليوم والغد دون السخرية من الماضي ، لم يقدم ما يؤكد على انه لابديل عن التقارب الانساني فوق اعتبارت الهوية والجنس والعقيدة والثقافة - فالانسان هو الانسان اينما حلت قدماه - القارئ الآن يبحث بنهم عن ذاته فى الآخر، بينما ما يتلقاه فى الداخل يدعم انفصاله عن نفسه وعن المحيط من حوله عن الطبيعة عن الحب والجمال التآخي - عن المثابرة والتميز-- لذا هو دائم التطلع الى ما يؤكد له انه كائن فريد جدا وانه رائع بكل قدراته وضعفاته وما يقدم لا يتعدى اطرا جيدة و باهرة اغلبها خالي من الروح والعمق والمضمون ليجد الرموز التى وثق بها يوما تسقط امام عينية كذبا و ان القيمة الحقيقية التى تصنع الانسان وتحميه تكمن فى الثراء المادى والنفوذ والقوة وما عدا ذلك هراء ، ورغم اكتساح الفضائيات وعالم النت لم نكن مهيأين ولم نكن من الصلابة فى دواخلنا ان ننفتح بوعى حضاري وانسانى ان نختار ما يضيف الينا ونضيف بدورنا للآخر ايضا وليس ان نتفاخر بتنصلنا عن هويتنا وكأن جذورنا عار علينا



خبر ننفرد ننشره عنك ..


ليس لدي اخبار خاصة أو مثيرة تهم القارئ فأنا غائبة كثيرا وما أكتب ينشر فى صحف ليبية - لكن لا باس ا قريبا سيصدر ديوانى الثانى بعنوان مزمور الرفض - أما حقا اجمل اخباري هو اعلن لك انتمائي الوجدانى والفكري الى جمعية بيت درنة الثقافى بليبيا - ذاك المنتدى الثقافى الذى يرعى الفكر والفنون وكل جوانب الثقافة والابداع فى شتى مجالات العلوم والفنون والذى كان قبلا معبدا مسيحيا مهملا مهجورا ( كنيسة سابقا ) – لتعود له الحياة من جديد سنة 1997 بمجهود مضني ليتحمل هذا العبئ بكامله عدد من الكتاب والشعراء والمهتمين بشؤون الثقافة المهندس ابراهيم بو حمرة الشاعر عبد لسلام العجيلى الكاتب احمد باللو الشاعر سالم العوكلى ليتحول الى صرحا ثقافيا متميزا وبعمل دؤوب وصمت مهذب يسعى الجميع لنهضة مجتمع المدينة نحو الأفضل





u
أنشأ هذا الموقع ويدير تحريره الكاتب الأديب مجدى شلبى